شابٌ في الثالثة والعشرين من عمره أمضى في مصر ست سنواتٍ ختم بها الجامعة وعاد بشهادة البكالوريوس، ومن هناك عاد بثقافاتٍ لم يعتَد عليها أهلُه كان على رأسها أن تعرف على فتاةٍ من غزة تصغره بعامٍ، فخرج معها لأماكن كثيرة من أجل التعرف عليها دون أن ترفض هي تلك الفكرة، معتبراً أن الأمر عادي وأن تلك الطريقة هي الوحيدة التي يمكن أن يقتنع بها في اختيار شريكة حياته ولا طريقة غيرها.
وفعلاً قرَّر الزواج منها بعد عامٍ من لقائه بها وبعد اقتناعه بها.. لم يكن يظن والداه أن الأمر جديٌّ بالنسبة لديه بل ظنوا فعله كفعل كثيرٍ من الطائشين الذين لا يلبثوا أن يعقلوا بعد الزواج من فتاةٍ محافظة، إلى أن عرض فكرة زواجه من تلك الفتاة على والديه مبرراً ذلك بأنه أمرٌ عادي وأن تلك الفتاة لم تعرف أحداًُ غيره وأنهما متحابان وعلى اتفاق بالزواج، ليرضخ الأب للأمر الواقع بعد عدة نقاشات تفادياً للصدام مع ابنه وتنغيص حياته.
بينما لم تقبل الأم بقراره معتبرةً أن تلك الزيجة تطأطئ الرأس وأنها لن تقبل بفتاةٍ قبلت بالخروج مع ابنها طيلة عام كامل بل ولن تذهب لخطبتها ولو كانت آخر فتاةٍ في الدنيا، فبنظرها هي لن تتشرف بها "ككنة".. أمِن حل منطقيٍّ لتلك المشكلة؟
ثقافة غير سليمة
الدكتور فوزي أبو عودة يعلق على تلك القصة بالقول:"إن ما ينطبق على مجتمعٍ قد لا ينطبق على مجتمع آخر، وما عادات مجتمعنا الفلسطيني التي تبدو تقليدية إلا قائمة على نهج الله ونابعة من سنة رسوله الكريم عليه السلام، ولكن وبما أن ما حصل قد حصل فالزواج لا بد وأن يحصل بين هذا الشاب وتلك الفتاة ليس لأنهما على صواب ولم يخطئا بل إنَّ كليهما أخطأ من الناحية الشرعية والاجتماعية أيضاً، لكن كما يقول الرسول عليه السلام :"لا ضرر ولا ضرار".
ويضيف:"لكن قبل الزواج فإن واجب هذا الشاب أن يخطو كل السبل من أجل إقناع أمه بزواجه من تلك الفتاة مستخدماً الأسلوب اللين الودود معها حتى يبارك الله له في زواجه، ومن أساليب الإقناع أن يوضح لها مراراً أن نيته في التعرف على تلك الفتاة كانت شريفة وأنه لم يكن بينهما أي حديث خادش للحياء بل وإن تلك الفتاة على خلق كريم فيذكر لها مواقف تعبر عن حسن خلقها وأن أكثر ما أقنعه بها هو حسن أخلاقها في التعامل معه دون أن ينكر أنهما أخطآ".
أدخل وساطة.. وتزوّجها
متابعاً: "إن لم تقتنع الأم يمكن لهذا الشاب أن يوسِّط خاله أولاً ليحاول إقناع أخته بما اقتنع به مستفيداً من رابط الأخوَّة بينهما، وإن فشل الأمر يمكن أن يوسط والده".
أما إن لم تقتنع الأم وتقبل بهذا الزواج أبداً فيرى د. أبو عودة أن يعرض هذا الشاب على أمه قصصاً لأناسٍ أجبروا على الزواج ممن لم يقتنعوا بهن ففشلوا في زواجهم، وأن يبين لأمه أنه لا يريد لها أن تندم وتُلام يوماً على فشله في الزواج من تلك التي ستختارها له وهو يتمنى أخرى، ويمكن أن يكون لإحدى الداعيات دور فعال في إقناع الأم حسب د. أبو عودة.
وختاماً فإن فشلت كل المحاولات يبقى لهذا الشاب أن يتزوج ويدعو الله أن يوفق تلك الزيجة دون أن يكلَّ من محاولة إرضاء أمه، فعدم زواجه بتلك الفتاة ربما يكون سبباً في تدميرها لا قدر الله.. هكذا أخبرنا د. أبو عودة.
المصدر: فلسطين أون لاين