المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهدا أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
(يا أيها الذين امنوا أتقو الله ولتنتظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) (1).
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (2)
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا.يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)(3).
أما بعد:
فلقد قيض الله لهذا الدين أنصاراً من أمم وشعوب شتى ينافحون عنه ويدعون إليه ويبينونه للناس, فعلى من اختاره الله لهذه المهمة النبيلة أن يكون لبقاً, حكيماً في دعوته, وأمره ونهيه, واضعا نصب عينيه-قول الحق- تبارك وتعالى-: ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن...الآية)(4
إن الكلمة الطيبة التي يلقيها الداعية الصادق في أذن امرىء شارد عن الطريق فيغرس بها ذرة الهداية في قلبه، تعود على الداعي بثواب عظيم، واجر جزيل، قال عنه المصطفى- صلى الله عليه وسلم- من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص من أجورهم شيئا)(1) ولأن الحاجة إلى الحوار ضرورية وملحة في الدعوة الإسلامية فقد رسم الرسول- صلى الله عليه وسلم- أروع الأخلاق في الحوار وأحسنها، بل وأسماها وأنبلها، لأنها مطلب إلهى أوصى الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم- في كثير من الآيات القرآنية العظيمة، والتي من بينها قوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن )(2)
ولقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لان الإسلام يرى بان الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار، أو الجدال كما يطلق عليه القران الكريم في وصفه للإنسان وكان الإنسان أكثر شيء جدلا)(3) بل إن صفة الحوار، أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت ،إلى يوم الحساب كما يخبرنا القران الكريم في قوله تعالىيوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها)(4) عليه فإن للحوار أصولا متبعة وللحديث قواعد ينبغي مراعتها، وعلى من يريد المشاركة في أي حوار أن يكون على دراية تامة بأصول الحوار المتبعة، لينجح -بحول الله- في مسعاه، ويحقق ما يرمى إليه .